أخبار العالم

مكافحة تسعير الحافلات المدرسية ببدائل غير آمنة

تحقيق: محمد الماحي وعماد الدين خليل
مع كل عام دراسي جديد، يشكو أولياء الأمور من ارتفاع أسعار الحافلات المدرسية، مما يشكل عبئا إضافيا على ميزانية الأسرة، مما يضطرهم إلى البحث عن وسائل نقل أخرى غير آمنة.
انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة الإعلانات التي تنقل الطلاب إلى المدارس في حافلات خاصة غير مرخصة وتفتقر لأبسط وسائل السلامة، حيث يلجأ إليها أولياء الأمور لعدم قدرتهم على دفع تكاليف النقل المدرسي. وفي التحقيق التالي، تسلط «الخليج» الضوء على معاناة بعض الآباء. كما ناقش خبراء التعليم الأزمة وإمكانية حلها.
وتتزايد أسعار الحافلات المدرسية يوما بعد يوم، وتتراوح الآن بين 6000 و10000 درهم للطالب الواحد، على الرغم من انخفاض عدد أيام الدراسة، بعد اعتماد قرار عطلة نهاية الأسبوع.
رفعت المدارس الخاصة أجور الحافلات للعام الدراسي الحالي بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي. وطالب أولياء الأمور الذين لديهم أكثر من طفل في المدرسة بإعفاء الطفل الثالث من أجرة الحافلة ومنح الطفل الثاني خصما بنسبة 50%، حتى لا يضطروا للجوء إلى بدائل خطيرة وغير قانونية.
بدائل أخرى
وقال أبو رامي: هناك زيادة مبالغ فيها في أجور الحافلات المدرسية في المدارس الخاصة، دون مبرر مقنع، وتصل الأجرة في المدارس الخاصة إلى 6 آلاف درهم وفي أخرى أكثر من 10 آلاف، لذلك اخترنا بدائل أخرى لتخفيض التسعيرة نفقات.
وأضاف أنه وجيرانه في الحي تعاقدوا مع سائق يملك حافلة صغيرة لنقل 10 طلاب سكنيين مقابل أجرة أقل من أسعار الحافلات المدرسية الرسمية.
أما عبد العزيز جابر (والد لثلاثة طلاب في المرحلة الثانوية)، فقد اضطر لشراء ثلاث دراجات ليأخذها أبناؤه إلى المدرسة، بعد تغيير مكان إقامته إلى منطقة أخرى ليست بعيدة جداً عن المدرسة، لتجنب الاشتراك في النقل المدرسي. الخدمة التي تتجاوز 18 ألف درهم. لأولاده الثلاثة.
بينما قال مصطفى محمود: أخذ قرضًا من أحد البنوك لدفع الرسوم المدرسية والنقل المدرسي لأطفاله الثلاثة، لأن سلامة أطفاله هي الأهم بالنسبة له. مشيرة إلى أنها بسبب عدم ثقتها بالسائقين غير المرخصين ومستوى تدريبهم، وعدم وجود مشرفات معتمدات ومؤهلات، فضلت الخضوع للوضع الراهن والمشاركة في الحافلات المدرسية الرسمية الأكثر أمانا لسلامة أطفالها.
عبء كبير
وأكد محمد الرشيدي أن أسعار الحافلات ارتفعت بشكل كبير في العامين الأخيرين، وهو ما شكل عبئاً كبيراً عليه، لذلك اتفق مع أولياء أمور آخرين على الاشتراك في «كارليفت».
وأضاف أن لديه ثلاثة أبناء، وعندما طلب من إدارة المدرسة إعفاء الأخ الثالث من أجرة الحافلة، تم رفض طلبه، كما رفضوا دفع مبلغ 15 ألف درهم بالتقسيط.
وقال وائل سلامة، إنه سجل ابنه في مدرسة خاصة ولم يتم إبلاغه بأي زيادة في أسعار الحافلات، لكنه فوجئ بإبلاغ إدارة المدرسة له بزيادة الأجرة بنسبة 30%، مقارنة بما تم الإعلان عنه وقت التسجيل، و اضطر إلى أن يطلب من أطفاله المشي إلى المدرسة مسافة 8 كيلومترات.
“الخليج” التقت خبراء تربويين لبحث أزمة ارتفاع أسعار الحافلات وإمكانية حلها. وقال الخبير التربوي محمد رشيد رشود: إن بعض المدارس تخدع أولياء الأمور بفرض زيادة على تعرفة النقل المدرسي، بعد فشلهم في الحصول عليها. موافقة الجهة المختصة على السماح لهم، كما أن ذلك وضع الوالدين أمام مشكلة لا يمكن حلها إلا باللجوء إلى وسائل أخرى غير قانونية وغير آمنة. مع التأكيد على أن أجور الحافلات لا تتناسب مع الرحلة التي تقوم بها بين المنزل والمدرسة. وقال: إن بعض الشركات والسائقين غير المرخصين وجدوا أن حاجة الأسر لهذه الخدمات هي وسيلة للتلاعب والتربح، مثل ظاهرة التعاقد مع شركات النقل الخاصة، مقابل تصاريح مرور سنوية أرخص من الحافلات المدرسية، أو مع ظهر مؤخراً سائقو النقل الخاص غير القانونيين، على الرغم من التكاليف التي يتقاضونها. وهذه الحلول تعرض سلامة أطفالهم للخطر، خاصة وأن السائقين والشركات لا يخضعون للرقابة اللازمة من قبل الجهات الرسمية.
مخالفة واضحة
ويرى الدكتور هشام زكريا عميد كلية علوم الاتصال في الجامعة القاسمية أن النقل المدرسي خدمة غير مشمولة في الرسوم الدراسية، وفي الوقت نفسه لا يمكن للمدرسة زيادة رسومها دون الحصول على الموافقة الرسمية من الجهات التعليمية .
وأكد أن وسائل النقل المدرسي غير القانونية وسائقي النقل الخاص غير المؤهلين الذين قاموا بترحيل الطلاب مؤخراً يشكلون مخالفة واضحة لقوانين المرور، وأن غياب شروط السلامة العامة لهذا النوع من المركبات يثير تساؤلات حول سلامتهم، وأنهم كثيراً ما يخالفون حركة المرور. القوانين، بما في ذلك ربط أحزمة الأمان وعدم احترام حدود السرعة على الطرق الداخلية والرئيسية.
أنشطة النقل
يقول المحامي والمستشار القانوني عبدالله الكعبي: إن اتجاه عدد من أولياء الأمور لتشغيل وسائل النقل المدرسي خارج القانون، وسائقي النقل الخاص غير المرخص لهم بنقل أبنائهم، يعد مخالفة واضحة لقانون السير، إذ إن الطريق العادي ويعرض الأشخاص الذين يقومون بهذه الممارسات أنفسهم للمسؤولية وعقوبة السجن لمدة لا تزيد على شهر والغرامة التي لا تزيد على 10000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وأضاف: «نصت المادة 13 من قانون النقل بمركبة الأجرة في إمارة أبوظبي على أنه يعاقب كل من يستخدم أو يشغل مركبة أجرة بغرامة لا تقل عن 5000 درهم ولا تزيد على 10000 وبالسجن لمدة واحدة. لا تتجاوز 30 يومًا أو واحدًا منها.” دون الحصول على ترخيص ساري المفعول من الجهات المختصة.”
المبررات والأسباب
أكدت هيئة الشارقة للتعليم الخاص أنه وفقاً للسياسات والإجراءات المتبعة في إدارة الرسوم الدراسية المفروضة في المدارس الخاصة في الشارقة والإمارات الأخرى، يحق للمدارس الخاصة طلب زيادة الرسوم الدراسية مع بيان المبررات و الأسباب. وتقوم الجهات التعليمية المختصة بإصدار القرارات اللازمة برفض هذه الطلبات أو الموافقة عليها، ونتيجة لذلك تقوم المدارس التي تحصل على الموافقة بزيادة رسومها.
وأوضح أن المدارس ملزمة عند قبول الطلاب الجدد أو إعادة تسجيل الطلاب المستمرين، بتوضيح قيمة رسوم خدمة النقل المدرسي لأسر الطلاب الذين يرغبون في الاستفادة من هذه الخدمة.
وسائل بديلة
يقول عبد السلام سرور، أحد أولياء الأمور، إنه أثناء دفع رسوم المدرسة والباص المدرسي لابنه، تفاجأ بوجود زيادة قدرها 500 درهم مقارنة برسوم العام الماضي، حيث كان قد دفع 4000 درهم رسوم الحافلة، وهذا أصبح 4500 لكل طفل.
ويضيف أن هذه الزيادة تشكل عبئا ماليا عليه، نظرا للمصاريف الكثيرة الأخرى، مثل الرسوم المدرسية والزي المدرسي والكتب والأنشطة التي لا نهاية لها وغيرها التي يحتاجها ابنه خلال العام الدراسي.
5000 درهم
ويقول محمد ذيبان، والد لطالبتين: إنه يدفع 5000 درهم أجرة الحافلة لطفل واحد، ليصبح المجموع 10000 درهم للطفلين، نظراً لأن مدرسة أبنائه في الضواحي، ولا يستطيع اصطحابهم في السيارة كل يوم. يوم بسبب التزامه بالعمل، مما يشكل عبئا ماليا إضافيا يتطلب الاهتمام لتقليل هذه النفقات التي تثقل كاهل الوالدين كل عام.
ويدعوهم إلى النظر والتأكيد على سائقي الحافلات ضرورة مراعاة الوقت الذي يقضيه الطالب في الحافلة وعدم تأخير الوضع مما يشكل إرباكاً وقلقاً لدى أولياء الأمور بسبب ارتباطهم بالعمل، مقترحاً تكليفه الطريق إلى الحافلات المدرسية في فترات الصباح والمساء.
الوسائل البديلة:
من جانبه قال مصطفى إبراهيم ولي أمر ثلاثة طلاب: «أحرص خلال الفصل الدراسي على إيصال أبنائي إلى المدرسة يومياً بسيارتي لتجنب وتوفير الرسوم المقررة والتي تصل إلى 15 ألف درهم، والتي يتعبني كل يوم الابتعاد عن وسائل النقل البديلة دون إجراءات السلامة للأطفال.”
ويؤكد أن هناك بعض أولياء أمور جيرانه يتفقون وينسقون بحيث يقوم كل منهم بنقل أطفاله من وإلى المدرسة يوميا لتجنب دفع تكلفة الحافلة المدرسية التي تتزايد كل عام وتشكل مصدرا اقتصاديا إضافيا للأعباء التي يثقل عليهم كل عام.
“كارليفت”
أما حسن علي، أحد أولياء الأمور، فيوضح أن أجرة الحافلة المدرسية تبلغ 3456 درهماً لكل طالب، حيث أن لديه ولداً في الصف الثالث وفتاة أخرى في الصف التاسع، وهو مجبر على دفع 6912 درهماً لكليهما، نظراً لظروفه. أنا أعمل في الصباح.
وأشار إلى أن أحد أصدقائه يلجأ إلى ترتيب سيارة خاصة “كارليفت” لنقل أطفاله لتجنب الأعباء المالية لأجور الحافلات وتوفير نحو 50% سنويا للطالب الذي لا تتوفر لديه إجراءات السلامة للطفل.
واتفقت معه أميرة علي، وهي أم لطفلين، وقالت: أسعار الحافلات المدرسية مرتفعة هذا العام، مما دفعها إلى نقل مكان إقامتها ليكون قريباً من مدرسة أبنائها وتوفير 10 آلاف درهم، مؤكدة أن الوسائل البديلة تفتقر وسائل النقل التي يلجأ إليها بعض أولياء الأمور للهروب إلى إجراءات السلامة مقارنة بالحافلات المدرسية المعتمدة، مما يعرض حياة الطلاب للخطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى